اكتشاف ثوري يساهم في علاج عرق النسا
كتب- محمد السيد البصمةأثبتت دراسة فنلندية حديثة إن الإنزلاق الغضروفي القطني، أبرز أسباب آلام أسفل الظهر وألم العصب الوركي المعروف بعرق النسا، حيث يسبب ضغط القرص المنزلق على الأعصاب تهيجاً والتهاباً يؤدي إلى آلام شديدة على طول مسار العصب الوركي وصولاً إلى الأطراف السفلية.
ووفقًا لما ذكره موقع "ميديكال إكسبريس"، خلصت نتائج الدراسة إلى إن الإنزلاق الغضروفي القطني ينجم عن عدة عوامل، من بينها العوامل الوراثية التي لم يتم التركيز عليها بشكل كافٍ في الأبحاث السابقة.
وللتعمق في هذا الجانب، استخدم الباحثون بيانات من مشاريع بحثية ضخمة مثل FinnGen، والبنك الحيوي الإستوني، والبنك الحيوي البريطاني، ليتمكنوا من تحليل الجينات والبيانات الصحية لأكثر من 829,000 مشارك.
وكشفت النتائج عن 41 منطقة جينية جديدة قد ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي القطني، إضافةً إلى 23 منطقة جينية كانت معروفة سابقاً في دراسات أخرى.
وركزت الدراسة أيضاً على تداخل هذه المناطق الجينية مع بنية الأقراص الفقرية والعوامل الالتهابية التي تزيد من احتمال الإصابة وتفاقم الألم. كما وجد الباحثون ارتباطاً بين بعض الجينات والجهاز العصبي، مما يُعزز من فهم علاقة الانزلاق الغضروفي بالألم الممتد؛ حيث أن الأعصاب المتضررة تؤثر بشكل مباشر على انتقال الألم من موضع الإصابة إلى الأطراف.
وعلى صعيد آخر، شملت الدراسة تحليلاً لحالات المرضى الذين خضعوا لتدخل جراحي لعلاج الانزلاق الغضروفي، وتمكن الباحثون من تحديد خمس مناطق جينية جديدة ترتبط بأشكال أشد حدة من المرض تتطلب إجراءات جراحية. ويشير الباحث فيلي سالو، المحلل الرئيسي في الدراسة من جامعة أولو، إلى أن النتائج تقدم تفسيراً لسبب تباين شدة الألم بين المرضى، قائلاً: "تمكنا من تحديد جينات قد تفسر جزئياً استمرارية الألم، حيث لاحظنا تفاوتات ملحوظة في حدة الألم بين الحالات المختلفة سريرياً".
ويضيف سالو أن هذه الدراسة أصبحت ممكنة بفضل توفر قواعد بيانات دقيقة ومتطورة في فنلندا، والتي ساعدت في دراسة آليات المرض بشكل شامل ومتكامل. هذه النتائج تفتح المجال لمزيد من الأبحاث التي قد تساهم في تطوير حلول طبية ووقائية للتعامل مع الانزلاق الغضروفي وأعراضه، خاصةً تلك المرتبطة بالألم المزمن.
ويرى البروفيسور جوهاني ماتا، المختص في الطب الطبيعي والذي شارك في الدراسة، أن هذه النتائج تحمل آمالاً كبيرة في تحسين نوعية الحياة لمرضى الانزلاق الغضروفي، حيث يقول: "نأمل أن تُستخدم نتائجنا لتطوير أساليب جديدة لإدارة الألم عند المرضى الذين يعانون من ألم ممتد، مما يساهم في تخفيف معاناتهم بشكل فعال".
بشكل عام، تعد هذه الدراسة خطوة هامة نحو فهم أعمق للعوامل الجينية المرتبطة بالانزلاق الغضروفي القطني وأثرها على آليات الألم والتهاب الأعصاب، مع التركيز على الحاجة إلى تطوير استراتيجيات علاجية ووقائية مستندة إلى الأسس الوراثية والبيانات الصحية، الأمر الذي قد يفتح آفاقاً جديدة في الطب الشخصي لتحسين جودة حياة المرضى وتقليل معاناتهم من الآلام المزمنة.